
احبيب لقظف/تمبدغة_والحوض_الشرقي بين رمزية الزيارة وصدق الميدان
تحظى زيارة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني لولاية الحوض الشرقي، وبشكل خاص لمدينة تمبدغة، بأهمية بالغة لما تحمله من دلالات سياسية وتنموية في مرحلة دقيقة من عمر الدولة.
فالزيارة تأتي في ظرفية وطنية تتطلب مراجعة شاملة للمسار التنموي، واستحضار هموم المواطن في أقصى الشرق، حيث لا تزال بعض المدن – وفي مقدمتها تمبدغة – تعاني من غياب البنى التحتية وضعف الخدمات الأساسية.
لقد درجت الزيارات الرئاسية على أن تكون في ظاهرها رسائل طمأنة وتواصل مع الشعب، غير أن الرهان الحقيقي يكمن في تحويل تلك الزيارات من رمزية بروتوكولية إلى فعل ميداني ملموس.
فالميدان – وليس التقارير الرسمية – هو المرآة الصادقة لواقع الناس، وهو الذي يكشف مدى صدق الخطط والبرامج على الأرض.
إن أبناء تمبدغة، كغيرهم من سكان الحوض الشرقي، يتطلعون إلى أن تكون هذه الزيارة مختلفة، لا تشبه سابقاتها التي اكتفى فيها المسؤولون المحليون بترتيب الصفوف وتجميل الواجهات واستحضار المصفقين.
فما يحتاجه المواطن اليوم ليس منصة خطب، بل أذنًا صاغية لهمومه، وقرارات شجاعة تضع حدًّا للتفاوت التنموي وتعيد الاعتبار للمناطق التي ظلت لعقود على هامش الاهتمام.
ولذلك فإن من المهم أن لا يسمح فخامة الرئيس بأن يُحجب عن نبض الشارع الحقيقي أو أن يختار له بعض السياسيين “من يتحدثون باسمه” ممن يحسنون صناعة الصورة أكثر مما يعكسون الواقع، وتقديمهم على أنهم ممثلو الرأي العام.
فمثل هذه الممارسات لا تسيء فقط إلى صدقية الخطاب الرسمي، بل تحجب عن القيادة الصورة الحقيقية لمعاناة المواطن الذي ينتظر الماء والكهرباء والطرق وفرص التشغيل.
إن اللقاء بالمواطنين يجب أن يكون عفويًا وصادقًا، لأن الإنصات المباشر للناس هو أصدق من ألف تقرير وأبلغ من ألف شعار.
فإن التحدي الجوهري أمام فخامة الرئيس خلال هذه الزيارة لا يتمثل في ما سيُعلن من مشاريع، بل في كيفية الإصغاء إلى مطالب المواطنين مباشرة دون وسطاء، ومن سيسمح له بأن يقترب من المواطن البسيط في الأسواق والقرى وأحياء تمبدغة وسائر مدن الشرق.
ولعل فخامة الرئيس يدرك أن كثيرًا ممن يلتفون حوله اليوم هم ذات الوجوه التي كانت بالأمس القريب تسبّح بحمد من سبقه، حتى إذا سقط النظام تبرأوا منه وسارعوا إلى تبديل مواقفهم.
وتلك عبرة ينبغي التوقف عندها بتمعّن، لأن الولاء الزائف أخطر على الدولة من المعارضة الصريحة، ولأن ما يحفظ القادة في ذاكرة الشعوب ليس من رافقهم في الموكب، بل من أنصفوهم في الميدان.
فليتذكر فخامة الرئيس أن الولاء الحقيقي ليس في الهتاف، بل في الصدق والإخلاص والعمل، وأن الشباب الحر الشريف في تمبدغة والحوض الشرقي يستحق أن يُمنح فرصة ليُسمع صوته ويشارك في صنع القرار.
إن التحدي اليوم أمام الرئيس هو أن يُثبت أن شعاره “رئيس قريب من المواطن” ليس مجرد عبارة بل ممارسة.
فتمبدغة وأخواتها من مدن الشرق لا تنتظر وعودًا جديدة، بل قرارات تضع التنمية في موقعها الطبيعي: بين الناس، لا فوق المنصات.
ولعل أجمل ما يمكن أن تختتم به هذه الزيارة هو أن تكون نقطة انطلاق نحو عهد جديد من الصراحة والإنصاف، حيث يقاس النجاح بمدى شعور المواطن أن الدولة أقرب إليه حقًا.
#الناشط والفتى الغيور : ✍️ ” احبيب لقظف “